تمهيد :

تعود جميع الملاحظات حول مجموعة المتحف في هذا الموقع إلى عام 2011. حيث أنه وبنتيجة الحرب، فقد تعرضت تدمر للنهب على نطاق واسع ناهيك عن الأضرار المباشرة التي لحقت بالموقع الأثري بشكل عام وبناء المتحف بشكل خاص. في 13 مايو 2015 ، شنت داعش هجومًا شرساً على بلدة تدمر الحديثة. بعد جريمة داعش، تم العثور على عدد من التماثيل اليونانية الرومانية والمجوهرات وغيرها من الأشياء المنهوبة من المتحف في السوق الدولية. في 18 أغسطس ، قامت داعش بقطع رأس رئيس شعبة الآثار المتقاعد، الدكتور الجليل خالد أسعد بعد تعرضه للتعذيب لمدة شهر لانتزاع معلومات عن المدينة الأثرية وكنوزها. وعوقب إذ رفض الأسعد إعطاء أي معلومات إلى خاطفيه. استعادت القوات الحكومية السورية تدمر في 27 مارس / آذار 2016 بعد قتال عنيف ضد مقاتلي داعش. وفقًا للتقارير الأولية ، كان الضرر الذي لحق بالموقع الأثري أقل اتساعًا مما كان متوقعًا ، حيث لا تزال العديد من الهياكل قائمة.

 فترة داعش :

في 21 مايو ، وقبل ساعات من دخول داعش إلى المدينة ، تم نقل بعض القطع الأثرية من متحف تدمر إلى دمشق لحفظها ، إللا أنه لم تكن هناك أية معلومات تقريبًا عن القطع التي تم إحضارها إلى دمشق من تلك التي تركت. لم ترد أية تقارير عن الحالة الفعلية للمتحف أثناء سيطرة داعش (21 مايو 2015 – 27 مارس 2016). في 27 يونيو 2015 ، تعرض تمثال أسد اللات في باحة المتف الأمامية إلى أضرار جسيمة، إثر تحطيمه من قبل عناصر داعش كما اظهرت بعض مقاطع الفيديو عملية دهس بقصد الإتلاف لأحد المومياءات التدمرية والتي يعتقد أنها بالأصل من أحد معروضات المتحف. وصلت أول لقطات من داخل البناء بعد استعادة القوات الحكومية السورية لتدمر ، وأظهرت اللقطات أن كمية كبيرة من مجموعة التحف كانت لا تزال موجودة في المتحف وأن تلك القطع ذاتها التي نجت من النهب كانت قد تعرضت لأضرار جسيمة.

لماذا تدمر؟

تقع تدمر في وسط الصحراء السورية المعروفة بالبادية السورية. تدين المدينة بوجودها لنبع أفقا. سورت المدينة بحواجز طبيعية من كل الإتجاهات، جبال جافة وعارية إلى الشمال والغرب والجنوب الغربي، بينما إلى الشرق والجنوب توجد أراضي مسطحة جافة، تمتد لتتصل بالصحراء البازلتية البركانية في حوران وشمال الأردن من جهة وتجاه الجنوب الشرقي إلى العراق ثم المملكة العربية السعودية، يبعد وادي الفرات عن تدمر حوالي ال 160 كم شرقاً، لكن بدلاً من أن يكون حاجزًا، سمح النهر بمرورالمراكب التجارية من موانئ الخليج العربي وصولاً إلى الفرات الأعلى والأوسط لتتصل هذه الموانئ بحركة القوافل التجارية غرباً باتجاه البحر المتوسط. تكون سلسلة الجبال التدمرية شكل خط شبه مستقيم يقطع بدوره البادية السورية من نقطة الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي جهة الفرات، مما يعني أن طرق القواف القديمة إما أنها اتجهت شمالًا أو جنوبًا، حيث اتصل الخط الجنوبي لسير القوافل بتدمر التي أصبحت بعد ذلك محور لشبكة من الطرق، وبالتالي كانت تدمر في موقع جغرافي مميز الأمر الذي أهلها  لتصبح مركزًا مهمًا للتجارة حين اتخذت القوافل القرار بعبور الصحراء بدلاً من السير في الطريق الأطول حولها.

نمت المدينة وازداد ثرائها وحجم نفوذها مع ازدياد حركة القوافل وعرف تجارها الذين أنشأوا مستعمرات عديدة على طول طريق الحرير وعملوا في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. مكنت ثروة تدمر من بناء مشاريع ضخمة، مثل شارع الأعندة الكبير ومعبد بل والمقابر البرجية المميزة.

ثقافياً، احتوت المدينة على عناصر من الأموريين والآراميين والعرب. تحدث سكانها التدمرية (لهجة من الآرامية) ، بينما كانوا يستخدمون اليونانية لأغراض تجارية ودبلوماسية. أثرت الثقافة  اليونانية الرومانية على ثقافة المدينة بطبيعة حال الاحتكاك التجاري والديبلوماسي والثقافي،  الأمرالذي أنتج فنًا وهندسة مميزة جمعت بين التقاليد الشرقية والغربية.  في حين اشتمل مجمع الأرباب التدمري على العديد من الآلهة المحلية والعربية وماهو مابين آلهتهم والآلهة الرومانية واليونانية.

 بحلول القرن الثالث الميلادي ، أصبحت تدمر مركزًا إقليميًا قوياَ. وصلت إلى ذروة قوتها في 260 ميلادية، عندما هزم التدمريون بقيادة ملكهم أذينة جيش الإمبراطور الفارسي شابور الأول. وحكمت زوجته الملكة زنوبيا كوصي عن ابنها، وهي التي تمردت ضد روما وأسست الإمبراطورية التدمرية. في عام 273 ، دمر الإمبراطور الروماني أوريليان المدينة. تحولت تدمر إلى المسيحية خلال القرن الرابع وإلى الإسلام في القرون التي تلت الفتح الراشدي أبان القرن السابع، وبعد ذلك تم استبدال اللغة التدمرية واللغة اليونانية بالعربية.

من نحن ولماذا؟

الآثار السورية هي جزءً من التراث الإنساني العالمي بقدر ما هي جزء من ذاكرتنا الجماعية كسوريين ؛ إنها تقدم دليلاً على تنوع المجتمع السوري عبر التاريخ. إن حماية هذه الآثار، وموضوع تحييدها والحفاظ على سلامتها من الصراع هي مسؤولية الجميع. تهدف مبادرتنا إلى دعم هذه الأفكار وإبراز روابطنا المشتركة والمساهمة في نهاية المطاف في بناء السلام. وحيث يقول ميثاق اليونسكو “بما أن فكرة الحرب تنبثق من عقل الإنسان، فإنه من ذات عقله يجب بناء ثقافة السلام “(ميثاق اليونسكو)

تم إنشاء هذه الصفحة بهدف تسليط الضوء على أهم القطع الأثرية في المتحف الأثري في تدمر. ميراث هي منظمة أهلية، لا ربحية. نحن في مبادرة ميراث لتوثيق التراث الثقافي السوري المادي لا نمثل ولا نعبر بالمطلق من خلال مشاريعنا أو آرائنا عن أي كيان سياسي، أوعقائدي