ومهمة توجيهها الى تمثيل الواقع، وتصوير الحقيقة في أعمال وصل الفنان فيها الى درجة من الإبداع خيل فيها للبعض أن الإنسان سيصل يوما ما الى امكانية منح الحياة إلى تلك التماثيل ذات التعابير الحالمة والنظرات الشاردة والملامح التي تفيض بنبضات الحياة، ومعاني التأمل. كل ذلك في عصر اعتبر فيه الإنسان رمزا للوجود و مقياسا للجمال.
مع دخول الحركة التشكيلية في الفترة الرومانية بدأت تظهر للفن السوري مميزات ومعالم خاصة. فلم تعد الأعمال الفنية في هذه الفترة حصراً على المعابد والقصور وإنما تجاوزته إلى الشوارع ومداخل المدن والمسارح ليدخل الفن في حالة شعبوية قدر لها أن تحمل المزيد من المعاني والمضامين الفردية في خلاف المعاني الرومانسية النمطية التي سادت في المرحلة السابقة أي من سيطرة الموضوع الواحد والأسلوب أيضاً. فبدأت تدريجياً تظهر معالم واضحة للشخصية الفنية السورية من خلال أعمال اتسمت بالواقعية ومن خلال تحميل هذه النماذج الفنية للمضامين الوجدانية والوجودية المختلفة. برع الفنان في إظهار الملامح الفردية من خلال العناية برسم تقاطيع الوجه وتجاعيد وانحناءات الجسم وحركات اليدين في جهد يهدف لإبراز الملامح التي تمثل طباع أصحابها في أسلوب للتعبير عن عواطفهم ومشاعرهم.
تميزت الفنون التشكيلية بشكل عام في فترة العصر البرونزي في منطقة الشرق القديم بكونها وسيلة من وسائل التواصل فيما بين هو دنيوي والعالم اللاهوتي وبكونه أي الفن كان أداة لتعلم و لتلقين المعاني الروحية، والمعتقدات والقصص الميثولوجية، هذا، في فترة زمنية طغت فيها الثقافة الدينية على معالم الحياة الدنيوية فاتخذ الفن سبيلا للتعبير عن صفات الطبيعة وعناصرها وقواها ...
ومهما يكن من أمر يعتبر العصر الهلنستي بالنسبة للفن بمثابة نقطة تحول هامة في تاريخ الفن المشرقي في سوريا على الأقل، اذ أنه ظهر في فترة احتکت فهيا فنون الشرق بالفن الإغريقي، وتغيرت فيها شروط الحياة، وتبدل نوع التفكير ،فترة تميزت بظهور الشخصية الفردية، وازدياد میل الانسان الى الطبيعة ، وتأثره بالعاطفة ... فانعكس كل ذلك في الحركة الفنية التشكيلية التي ظهرت في سوريا. وفي الواقع، أخذ الفن يتحرر من الأسرار القديمة ، ويتخلص من تبعيته للتعاليم الدينية، وبدأ الفن السوري في العصر الهلنستي يهتم بالإنسان وواقعه، ويعبر عن حقيقته بغرائزه وعواطفه، ومشاعره ونزعاته ... بل إنه بدأ يتمايز بالتعبير عن رقة شعوره ورهافة حسه. كانت مدن أنطاكية والإسكندرية ورودس وبرجام مراكز لهذا الإشعاع الفني، حيث أخذ نخبتها على عاتقهم رسالة تشجيع الحركة الفنية،
فهرس المعروضات